عند تعلُّم لغة جديدة يشعر الكثير من الناس بالتعب والإحباط مع مرور الوقت وذلك عندما يجدون أن رحلة التعلم طويلة وتتطلب جهد وعزيمة، والنتيجة التي يريدونها لم يصلوا لها بعد، فيبدأون بالتساؤل عن وجود خطأ ما بهم أو بطريقة تعلمهم ودراستهم، لكن من المهم أن نفهم أن التعب ليس علامة على الفشل، كما هو الحال مع جميع العقبات التي تواجهنا يجب تعلم التغلب عليها. للقيام بذلك نحتاج أولاً إلى تحديد المشكلة التي تسبب الإرهاق ومن ثُمَّ نجد الحل المناسب لها. سنسلط الضوء في هذا المقال على التصرفات التي قد تشعرك بالإرهاق وكيفية تفاديها.
١.سبب شعورك بالملل
عندما تكون علاقتك مع اللغة الجديدة هي مجرد كتب دراسية عليك حفظها أو دروس تعليمية مملة فمن السهل معرفة سبب شعورك بالملل. في الواقع أن القليل منا يتعلمون لغات أجنبية من أجل القواعد والمفردات فقط، بينما ترتكز معظم دوافعنا على الاستخدام العملي للغة في الحياة اليومية، مثل القدرة على التواصل مع أشخاص من ثقافات أخرى أو الاستمتاع بالكتب والأفلام بلغة أجنبية. لذلك إذا كانت طريقة تعلمك تعمل على روتين منفصل عن حافزك وهدفك الحقيقي فمن الطبيعي أن تشعر بالملل.
٢.سبب شعورك بالإجهاد
يتعامل الكثير من الأشخاص مع تعلم اللغة بنوع من الإلحاح أي يريدون إتقان اللغة بأسرع وقت ممكن أو يتسابقون لإنهاء أساسيات اللغة لاجتياز اختبار مهم بالنسبة لهم، وبسبب نقص الوسائل التي تقيس تقدمك بدقة وفعالية قد لا تتمكن عادةً من رؤية نتائج ملموسة وقابلة للقياس للعمل الشاق والجهد الذي بذلته في التعلم فمن السهل القفز إلى استنتاج أنك فشلت في إحراز أي تقدم.
٣.سوء إدارة توقعاتك
إذا كنت تتعلم اللغة كخدعة رائعة لتعزز ثقتك بنفسك في حفلة ما تريد حضورها أو للتفاخر بأنك مُتقن لغة أجنبية كي تتمكن من إثارة إعجاب شخص تحبه فمن المحتمل أنك لن تستمر طويلاً في رحلة التعلم هذه، وفي الواقع ليس من الضروري أن يكون لديك سبب نبيل أو مثير للاهتمام لتعلم اللغة. ربما يكون ذلك من أجل المتعة فقط. المفتاح هو إدارة توقعاتك بحيث تتوافق مع هدفك. أي إذا كنت تتعامل مع تعلم اللغة كنشاط ممتع تقوم به في وقت فراغك فلا ضرورة لك أن تلتزم بمعايير شخص يقوم بذلك بدوام كامل وكذلك لن تحصل على نفس نتيجته في إتقانه للغة وطلاقته لذلك ليس عليك مقارنة نفسك بأي أحد فلكلٍ رحلته التعليمية الخاصة به.
الآن بعد أن عرفت سبب شعورك بالإرهاق بالطريقة التي تتعامل بها مع تعلم اللغة سنتحدث عن كيفية تفاديها:
١.محاولة الاستمتاع باللغة الجديدة
إذا كانت المشكلة هي الملل فابحث عن النشاطات التي تجمع بين التعلم والترفيه بلغتك المستهدفة، أي حاول استخدام بعض الوقت للتسلية بلغتك الجديدة على سبيل المثال شاهد بعض الأفلام واستمع إلى الموسيقى والعب الألعاب الالكترونية بلغتك المستهدفة ولا تتوتر من كل الكلمات التي لا تعرفها فالهدف هو الاسترخاء والاستمتاع بوقتك فمن الجيد أن تأخذ قسطاً من الراحة دون إحراز تقدم لأنك لن تحقق أي تقدم إذا كنت متوتراً على أية حال، وذكِّر نفسك لماذا وقعت في حب اللغة في المقام الأول.
٢.محاولة التعلم ببطء
تعلم اللغة ليس سباقاً ولا يوجد خط نهاية يمنحك طلاقة فورية لا تكن عجولاً في فصولك الدراسية من أجل الشعور أنك تحرز تقدماً بل احفظ المفردات جيداً وتمكّن من القواعد النحوية قبل أن تنتقل إلى فصل دراسي آخر أي اجعل هدفك هو الجودة في التعلم لا في الكمية أي عدد المفردات والقواعد التي تريد تعلمها بأسرع وقت. تذكر أن كل رحلة تعلم لغة فريدة وأن أساليب التعلم تختلف من شخص لآخر ما يصلح لمتعلمي اللغة الآخرين قد لا يناسبك وليس لأنك أقل شأناً من حيث القدرات بل لكلٍّ ما يناسبه من طريقة تعلم.
٣.توقف عن إضاعة وقتك
اسأل نفسك لماذا بدأت تعلم هذه اللغة ربما كنت مهتماً فقط بنظام الأبجدية للغة ما أو ربما أردت فقط تعلم بعض العبارات المفيدة من أجل رحلة سياحية تريد القيام بها بعد بضعة أشهر، أو قد تكون وقعت في حالة تسمى FOMO أي الخوف من الضياع تجد الجميع يدرس هذا وبالتالي يجب علي أن أدرسه أيضاً، لذلك يجب عليك تحديد لماذا بدأت بدراسة هذه اللغة فقد تكون فعلاً وصلت لما تريد ولكنك لا زلت مستمراً في التعلم ونسيت سبب تعلمك في البداية أو مثلاً لا تجد هذه اللغة مناسبة لك وتريد التوقف لكنك لا تجد الجرأة للتخلي عن شيء تشعر أنك استثمرت فيه الكثير من وقتك على الرغم من أنه في أعماقك لم تعد تريده وهذا يحصل للجميع بشكل طبيعي وعفوي، ستقول حسناً ماذا الآن إذاً كل عملي الشاق سيذهب من أجل لا شيء! حقيقةً هكذا ستكون ردة فعلك الأوليّة عن فكرة الإقلاع، لذلك دعني أقول لك إن التشبث بشيء بدافع الخوف من تكبد خسائر أمر طبيعي وإنساني للغاية ولكن في النهاية لا فائدة من ورائه، إذا كنت لا تحب ما تفعله وتتعلمه فتوقف عن فعله وإضاعة وقتك ببساطة!
٤.ضع أهدافاً أفضل
وأعني بكلمة "أفضل" أهدافاً منطقية وذات مغزى تؤدي إلى نتائج ملموسة. على سبيل المثال، بدلاً من أن يكون هدفك "تحسين الكتابة في ثلاثة أشهر" اجعلها "تعلم ٣ كلمات جديدة يومياً" وقم بتطبيقها وكتابة المفردات في دفتر يومياتك لهذا الأسبوع أو تسجيل الكلمات في موقع سيلينغو ودراستها عن طريق الاختبارات الموجودة في الموقع، هذا سيسهل عليك دراستهم وبالتالي متابعة تقدمك من خلال نتائج الاختبارات، بهذه الطريقة تتمكن من الحكم على تقدمك بشكل أكثر دقة وفعالية. إذا استطعت أن ترى نفسك تتحسن ببطء ولكن بثبات فاعلم أنَّك في المسار الصحيح.
٥.كن لطيفاً مع نفسك
لا تُدخل نفسك في دوّامة انتقاد الذات وعدم الرضا عن كل ما قمت به لأنه في الواقع نادراً ما تكون المشكلة بهذا السوء الذي تتخيله ستبدأ بالتساؤل هل أنا حقاً بهذا السوء؟ هل كنتُ حقاً متراخي أم أنني مشغول ومثقل بمسؤوليات أخرى في الحياة؟ هل خسرت حقاً ما حققته شهراً من التقدم لأنني تراخيت ثلاثة أيام؟
نصيحتي لك اعتني بنفسك جيداً وابتعد عن هذه الأفكار والتساؤلات المحبطة وتذكّر أن تعلم اللغة من المفترض أن يكون تجربة ثرية وأن تضيف قيمة إلى حياتك وتحفز تقدمك وتطورك لا تخنق إبداعك.
بالنهاية قد تستمر في الشعور بالإرهاق من وقت لآخر ولكن إذا كنت تعلم أنه سيأتي فلا تدعه يتحكم فيك أو يقلل من عزيمتك في رحلة تعلمك للغة. أنا شخصياً أرى أن التعب يشير فقط إلى أن النهاية تقترب وتأكد أنه لا توجد رحلتان متماثلتان انسَ المواعيد النهائية ليس عليك الالتزام بالجدول الزمني لأي شخص سوى الجدول الزمني الخاص بك.
والله رااااءع لقد استفدت كثيراا من تجاربكم واسءلتكم واجوبتكم صراحة احيانا تتصارع الافكار والاحاسيس وما اجمل ان تجد الراشد يرسم لك الخطوات...