كم عدد الكلمات التي تحتاجها لتكسب الطلاقة في اللغة الجديدة؟
هذا السؤال يراود الكثير من متعلمي اللغات ويعتقدون أنه بمجرد حصولهم على عدد معين من الكلمات أنهم أصبحو يمتلكون الطلاقة. الكثير من الأشخاص عندما يبدأون بتعلم لغة جديدة يكونون مهووسين بهذه الفكرة ويضعون حدود لمستوى تعلمهم ونطاق معرفتهم بهذه اللغة عند عدد معين من الكلمات مثلاً يقولون عندما أعرف ٢٥٠٠ كلمة شائعة أو ٥٠٠٠ كلمة ستصبح لدي الطلاقة الكاملة ويغوصون في حفظ المفردات ويضعون تركيزهم عليها فقط، ويتجاهلون باقي أقسام اللغة.
في الواقع اتضح أن عدد الكلمات لا يعني الكثير عندما يتعلق الأمر بتعلم لغة أجنبية. سنناقش هذه الفكرة ونسلط الضوء في هذا المقال على فكرة أساسية عليك أخذها بعين الاعتبار عند البدء بتعلم لغة جديدة وهي: عدد المفردات التي يحتاجها المرء كي يتمتع بالطلاقة اللغوية.
إن مشكلة عدد الكلمات والطلاقة أمر شائع بين متعلمي اللغات فدائماً ما يسألون كم عدد الكلمات التي يجب حفظها لكي يتحدثوا بطلاقة؟ حيث يبدأون بعد الكلمات وهي طريقة غير فعالة لتقييم الطلاقة وهناك عدة أسباب لذلك:
1- من المستحيل الوصول إلى عدد محدد من الكلمات التي تُظهر الطلاقة.
إنّ خبراء اللغة يختلفون حول كيفية قياس حجم المفردات عندما يتعلق الأمر بتعلم لغة، فإن الكلمات ليست متساوية، بعض الكلمات أكثر قيمة للناس في التعلم من غيرها وهناك طرق أفضل بكثير لقياس تقدم المستوى اللغوي، يبدأ بفحص العلاقة بين تعلم المفردات لوحدها وتعلم لغة جديدة بكافة أقسامها.
بدايةً دعونا نتحدث عن معنى الكلمة وقيمتها اللغوية، فما هي الكلمة؟
قد تفترض أن كل الأشخاص يقصدون نفس الشيء عندما يقولون كلمة معينة لكن هذا ليس هو الحال على الإطلاق. يختلف خبراء اللغة بشكل حاد مع بعضهم البعض حول عدد الكلمات التي يمتلكها الأشخاص في مفرداتهم، فيعتبر بعض الخبراء كل شكل من أشكال الكلمة ككلمة منفصلة على سبيل المثال، يحسبون كل شكل من أشكال الفعل "أرى" على حدة من خلال هذا المقياس، يمكن اعتبار "أرى" و "ترى" و "يرى" و "رأى" أربع كلمات مختلفة. يطبّق هؤلاء الخبراء نفس المنطق على الأسماء، بحساب "قطة" و "قطط" أي الكلمة وجمع الكلمة كلمتين مختلفتين أيضاً.
خبراء آخرون يحسبون فقط جذر الكلمة، وليس أشكالها المختلفة على أنها مفردة واحدة نتيجة لذلك توصلوا إلى أعداد أصغر بكثير. يحسب هؤلاء الخبراء "رأى" و "رؤية" و "يرى" و "ترى" و "يُرى" كلمة واحدة فقط لأنها كلها أشكال من "رأى". كما أنهم يعتبرون "قطة" و "قطط" كلمة واحدة لأن المفرد والجمع هما صيغتان من نفس جذر الاسم.
باتباع هذا التفكير نجد أنه عندما يتعلم الناس جذر كلمة ما مثل "رأى" أو "قطة"، فإنهم يتعلمون كلمة جديدة لأول مرة. وعندما يتعلم نفس الأشخاص أشكالاً مختلفة من نفس جذر الكلمة، مثل "رؤية" أو "قطط"، يعتبر ذلك إضافة إلى معرفتهم بالقواعد بدلاً من توسيع نطاق مفرداتهم.
بعد كل شيء يقول هؤلاء الخبراء، هذه هي الطريقة التي نتعلم بها اللغات:
أولاً: تعلم شكلاً واحداً من الكلمة. بعد ذلك عندما تفهم المزيد عن بنية اللغة وقواعدها سوف تعمم استخدام الكلمة في مواقف أخرى باستخدام أشكالها الأخرى.
لذلك عند حساب عدد المفردات التي يعرفها الأشخاص، سيحصل الخبراء الذين يحسبون كل شكل من أشكال الكلمة على عدد كلمات أعلى بكثير من الخبراء الذين يحسبون عدد الكلمات على أساس الجذر.
ثانياً: ماذا يعني معرفة كلمة ما وإتقانها؟
يختلف الخبراء أيضاً حول متى يعرف الشخص كلمة ما بالفعل. يعتقد البعض أن الناس يعرفون كلمة ما فقط إذا كانت موجودة في مفرداتهم النشطة. يعتقد البعض الآخر أن الناس يعرفون كل الكلمات في مفرداتهم النشطة والسلبية مجتمعة.
معنى وجود كلمة في مفرداتك النشطة أي تستطيع تذكرها بسرعة واستخدامها دون تردد في أفكارك وكلامك وكتابتك. أما وجود كلمة في مفرداتك السلبية هي كلمة يمكنك التعرف عليها وفهمها بشكل أو بآخر عندما تصادف سماعها أو رؤيتها ومع ذلك، لا يمكنك تذكر الكلمة بسهولة ولا تشعر بالراحة عند استخدامها في المحادثة. بالنسبة لكل من المتحدثين الأصليين وغير الناطقين بها، فإن عدد الكلمات في مفرداتهم السلبية يكون عادةً أكبر بعدة مرات من عدد الكلمات في مفرداتهم النشطة.
يتشرّب الناس عموماً كلمة جديدة في مفرداتهم السلبية بعد رؤيتها أو سماعها في المرات القليلة الأولى. بعد ذلك، عندما يواجهون الكلمة في كثير من الأحيان ويفهمون بشكل أفضل سياقها ومعانيها المختلفة، تصبح جزءاً من مفرداتهم النشطة. واحدة من أفضل الطرق لتعلم اللغة هي نقل الكلمات من المفردات السلبية إلى المفردات النشطة.
ها هي المشكلة إذاً: عند محاولة معرفة عدد الكلمات التي يعرفها المتحدث الأصلي هل تحسب مفرداته الإيجابية أو السلبية؟ هذا هو السبب في أن السؤال "كم عدد الكلمات التي يجب أن تتحدثها بطلاقة" يمثل مشكلة كبيرة.
2- يوجد خلاف حول اعتبار حفظ أشكال المفردات المختلفة أفضل من عدد الكلمات.
لتوضيح هذه الفكرة أكثر، سنقيس المفردات عن طريق عد الكلمات الجذرية فقط (وليس أشكالها المختلفة). سنقوم أيضاً بحساب الكلمات في مفردات الأشخاص النشطة فقط. هذا هو النهج الذي يتبعه الإطار الأوروبي المرجعي الموحد للغات CEFR.
يعتبر CEFR هو المبدأ التوجيهي الحالي المستخدم لوصف إنجازات متعلمي اللغات الأجنبية في جميع أنحاء أوروبا، وبشكل متزايد في البلدان الأخرى، أصبحت المستويات المرجعية الستة (انظر أدناه) مقبولة على نطاق واسع كمعيار واقعي لتقييم الكفاءة اللغوية للفرد. باستخدام طريقة القياس هذه، يمكننا تصنيف الأشخاص بناءً على طلاقة لغتهم إلى ست مجموعات أو مستويات.
المستويات:
مستوى مبتدئ A1
معرفة ٥٠٠ كلمة، المتحدث يستخدم العبارات الأساسية ويفهمها عند التحدث ببطء.
مستوى فوق مبتدئ A2
معرفة ١٠٠٠ كلمة، المتحدث يفهم التعبيرات البسيطة والتعبير عن الاحتياجات الفورية.
B1 مستوى متوسط
معرفة ٢٠٠٠ كلمة، المتحدث يفهم القضايا المشتركة وارتجال المناقشة.
B2 مستوى فوق متوسط
معرفة ٤٠٠٠ كلمة، المتحدث يفهم الموضوعات المعقدة ويستطيع الانخراط في الكلام العفوي.
C1 مستوى متقدم
معرفة ٨٠٠٠ كلمة، المتحدث يعبر عن الأفكار بطلاقة وعفوية دون إجهاد.
C2 مستوى فوق متقدم (ماستر)
معرفة ٦٠٠٠ كلمة، المتحدث يفهم كل شيء تقريباً مقروءاً أو مسموعاً.
بالنظر إلى هذه النطاقات يمكنك القول حسناً أود أن أصل إلى المستوى A2 قبل رحلتي إلى إسبانيا العام المقبل، وهذا أمرٌ رائع لقد حددت هدفك.
مما سبق نجد أن هذا التصنيف يسهّل عليك تحديد أهدافك ومعرفة خطة التعلم التي تناسبك للوصول إلى الهدف المراد تحقيقه لكن نصيحتي لك لا تجعل رحلة تعلمك للغة جديدة تتوقف عند عدد محدد من الكلمات فكلما تمكّنت وتعرفت على جوانب اللغة وأقسامها المختلفة كلما أصبحت طليقاً أكثر بهذه اللغة.