في الواقع يتعلّم الأطفال الصغار أي لغة بشكل فطري دون وعي أي دون التفكير في عمليّة التعلم، على عكس المراهقين والبالغين الذين يحتاجون لأسلوب منطقي وواعي عند تعلم أي لغة جديدة ليتمكنوا من حفظ النطق الصحيح وفهم القواعد النحوية، لذا لا يوجد لغة يصعب تعلمها على الأطفال، وفكرة صعوبة تعلم التحدث باللغة الإنجليزية لا تخطر ببال الأطفال إلّا إذا أخبرهم بها الكبار الذين ربما تعلموا اللغة الإنجليزية من خلال الكتب الأكاديمية القائمة على القواعد. سنتعرف في هذا المقال على العوامل التي تؤثر على الأطفال الصغار عند تعلمهم للغة الإنجليزية كلغة أجنبية.
1.أهمية البدء مبكراً في التعلم:
في الواقع تأتي اللغة المحكية بشكل طبيعي قبل تعلم القراءة والكتابة، والأطفال الصغار يستخدمون الاستراتيجيات الفطرية لاكتساب لغتهم الأم، وسرعان ما يجدون أنه يمكنهم أيضاً استخدام هذه الاستراتيجيات لتعلم اللغات الأجنبية مثل اللغة الإنجليزية، وحسب عدة دراسات يبدو أنّ الأطفال الذين أتيحت لهم فرصة تعلم لغة ثانية وهم لا يزالون صغاراً يستخدمون نفس استراتيجيات تعلم اللغة الفطرية طوال حياتهم عند تعلم لغات أخرى، وقد يتمكنوا من تعلم لغة ثالثة أو رابعة أو حتى أكثر بنفس الآلية.
في الواقع الأطفال الصغار لديهم الكثير من الوقت للتعلم من خلال الأنشطة التعليمية المدموجة باللعب، فهم يلتقطون اللغة من خلال المشاركة في نشاطات اجتماعية مشتركة مع شخص بالغ مثل معلمهم أو والديهم، فمن خلال الاستمتاع واللعب يتعلم الأطفال بشكل أفضل، لذا يجب أن يكون التعليم ممتع فهناك الكثير من الألعاب التي يمكن من خلالها تحقيق أقصى فائدة في تعلم اللغة وإيصال المعلومات بشكل أفضل، مثل: لعبة الكلمات أو لعبة الأسئلة وغيرها… وكذلك طلب القيام بمشروع فني يعتمد على اللغة الإنجليزية كأن يتم رسم حرف من الأحرف الذي تم تعلمه أو تجميع الصور حول كلمة معينة وما إلى ذلك، غير أنه في هذه المرحلة تميل البرامج والمناهج المدرسية إلى أن تكون غير رسمية وأقرب ما تكون للتسلية واللعب وقد يكون لديهم واجبات منزلية قليلة أو معدومة لذا يكونون أقل توتراً من الأطفال الكبار أو البالغين حيث أنهم غير مضطرين إلى تحقيق معايير محددة للنجاح أو الرسوب.
فمن هنا تكمن أهمية البدء المبكر لأن الصغار يكتسبون اللغة بدلاً من تعلمها بوعي كما هو مفروض على الأطفال الأكبر سناً والبالغين، ويتمكنون من إتقان النطق الصحيح والانغماس باللغة واكتشاف الثقافة بشكل أفضل، بينما عندما يصل الأطفال الذين يتحدثون لغة واحدة إلى سن البلوغ يصبحون أكثر وعياً بأنفسهم وتتضاءل قدرتهم على اكتساب اللغة ويشعرون أنه يتعين عليهم دراسة اللغة الإنجليزية بوعي من خلال الكتب الأكاديمية القائمة على القواعد.
2. فترة الصمت
عندما يتعلم الأطفال لغتهم الأم يمرّون بفترة قبل قدرتهم على التحدث وهي "فترة صمت"، خلال هذه الفترة هم ينظرون ويستمعون ويتواصلون من خلال تعبيرات الوجه أو الإيماءات قبل أن يبدأوا في الكلام. عندما يتعلم الأطفال الصغار اللغة الإنجليزية قد تكون هناك "فترة صمت" مماثلة يحدث فيها التواصل والتفاهم قبل أن يتكلموا فعلياً بأي كلمات إنجليزية.
خلال هذا الوقت يجب على الآباء عدم إجبار الأطفال على المشاركة في الحوار من خلال جعلهم يرددون الكلمات، بل يجب أن تكون الحوارات والمحادثات من جانب واحد حيث يوفّر حديث الأهل فرصاً مفيدة للطفل لالتقاط اللغة.
3.بداية التحدث
بعد مرور الوقت وتكرار المحادثات باللغة الإنجليزية، يبدأ كل طفل (الفتيات غالباً أسرع من الأولاد) في نطق كلمات مفردة مثل ("قطة - Cat" ، "منزل - House") أو عبارات قصيرة جاهزة ( " إنه كتابي - My book "، " لا أستطيع - I can't "، " هذه سيارة - This is car") يكون الطفل قد حفظها مقلداً النطق تماماً دون أن يدرك أن بعضها قد يتكون من أكثر من كلمة واحدة. تستمر هذه المرحلة لبعض الوقت حيث يلتقط الطفل المزيد من الكلمات والجمل، التي يستخدمها بشكل بديهي للحوار والمحادثة قبل أن يكون قادراً على إنشاء عباراته الخاصة.
4.بناء الأساسيات والفهم الكامل للغة
الفهم دائماً هو حجر الأساس للقدرة على التحدث ولا ينبغي التقليل من قدرة الأطفال الصغار على الفهم لأنهم معتادون على فهم لغتهم الأم. على الرغم من أنهم قد لا يفهمون كل ما يسمعونه بلغتهم الأم، فإنهم يفهمون الجوهر أي أنهم يفهمون بعض الكلمات المهمة ويستنتجون الباقي باستخدام أدلة مختلفة لتفسير المعنى، ومع القليل من التشجيع سرعان ما ينقلون مهاراتهم في فهم "الجوهر" لتفسير المعنى باللغة الإنجليزية أيضاً، حيث يقوم الأطفال تدريجياً بتكوين عبارات تتكون من كلمة واحدة محفوظة في الذاكرة يضيفون إليها كلمات جديدة من مفرداتهم ("كلب - Dog" ، "كلب بني - Brown dog" ، "كلب بني وأسود - Black and brown dog")، و اعتماداً على كثرة المحادثات باللغة الإنجليزية والإدخال اليومي لمفردات جديدة يبدأ الأطفال تدريجياً في تكوين جمل كاملة.
5. محاربة الشعور بالإحباط
بعد عدة جلسات من تعلم اللغة الإنجليزية، قد يشعر بعض الأطفال بالإحباط بسبب عدم قدرتهم على التعبير عن أفكارهم باللغة الإنجليزية، حيث أنّ معظمهم يريدون التحدث باللغة الإنجليزية بسرعة وطلاقة كما يتحدثون بلغتهم الأم. غالباً ما يمكن التغلب على الإحباط من خلال تزويد الأطفال بمقاطع أفلام كرتون أو أغاني إنجليزية بسيطة أو فيديوهات تعليمية مثل "يمكنني العد حتى 12 باللغة الإنجليزية" وبهذه الطريقة يرددون ويحفظون جمل بسيطة جاهزة.
6.السماح بارتكاب بعض الأخطاء
لا ينبغي إخبار الأطفال بأنهم ارتكبوا خطأً مباشرةً لأن أي تصحيح يثبط عزيمتهم على الفور، قد تكون الأخطاء في القواعد النحوية للغة الإنجليزية أو في النطق أو اختيار الزمن الصحيح للجملة، على سبيل المثال قد يقول الطفل "تذهب أمي - go momy" بدلاً من "ذهبت مع أمي - I went with momy"، لكن إذا أعاد الكبار نفس الكلمة أو العبارة ولكن بطريقة صحيحة، فسوف يصحح الأطفال كلماتهم بأنفسهم مع الوقت.
7.الفروق بين الذكور والإناث
تتطور أدمغة الأولاد الذكور بشكل مختلف عن الفتيات وعادةً ما تكون الفتيات أسرع بتعلم اللغات الأجنبية، وهذا يؤثر على كيفية التقاط الذكور للغة واستخدامها في بعض الأحيان في الفصول المختلطة حيث قد يشعر بعض الذكور بأن مستواهم أقل من الفتيات وهذا قد يقلل ثقتهم بأنفسهم أو يثبط من عزيمتهم، فلا ينبغي مقارنة إنجازاتهم بإنجازات الفتيات، بل يجب مساعدة كل الأطفال ليحققوا إنجازات جيدة في التعلم وعدم التمييز فيما بينهم في الصفوف الدراسية أو في المنزل بل إعطائهم نفس القدر من الاهتمام.
8.بيئات تعلم اللغة
قد يجد الأطفال الصغار صعوبة في تعلم اللغة الإنجليزية إذا لم يتم وضعهم على المسار الصحيح لتعلم اللغة بأسلوب متقن مصحوباً بدعم الوالدين.
يحتاج الأطفال الصغار إلى الشعور بالأمان ومعرفة أن هناك سبباً واضحاً لاستخدام اللغة الإنجليزية.
لذا يجب ربط تعلم الكلمات الجديدة ببعض الأنشطة اليومية الممتعة التي يعرفونها، على سبيل المثال مشاركة قصص قصيرة يعرفونها بلغتهم الأم وقرائتها باللغة الإنجليزية أو تعليمهم أسماء الوجبات التي يتناولونها باللغة الإنجليزية، فعند التركيز على المفاهيم التي فهمها الأطفال سابقاً في لغتهم الأم ومن ثم حفظها باللغة الإنجليزية، ففي هذه الحالة لا يتعلم الأطفال مفهومين جديدين بل يتعلمون كلمات باللغة الإنجليزية للتحدث عن شيء يعرفونه بالفعل.
9.دعم الوالدين
يحتاج الأطفال إلى الشعور بأنهم يحرزون تقدماً فهم بحاجة إلى التشجيع المستمر، وكذلك الثناء على الأداء الجيد لأن ذلك يحفزهم على النجاح، فالأهل هم الأشخاص المثاليين لتحفيز أطفالهم ومساعدتهم على التعلم حتى لو كانت معرفتهم باللغة الإنجليزية ضئيلة وتعتمد على الأساسيات فقط ويتعلمون جنباً إلى جنب مع أطفالهم الصغار، فمن خلال دعم الوالدين ومشاركة أطفالهم التعلم، لا يتم إدخال مفردات جديدة باللغة الإنجليزية أو الاستمتاع بالأنشطة الجماعية في الحياة الأسرية فحسب، بل يمكنهم أيضاً التأثير على مواقف أطفالهم الصغار تجاه تعلم اللغات وتنمية شخصياتهم للانفتاح على الثقافات الأخرى.
في النهاية إنّ تعلّم اللغة الإنجليزية ضرورة في وقتنا الحاضر، وذلك نظراً للمزايا المتعددة لها، فعند تعلم الأطفال للغة جديدة تتحسن مهارات الاستماع والكتابة والقراءة لديهم، مما يؤدي للتطور الشامل لقدراتهم العقلية والإبداعية مقارنة بالأطفال الآخرين كما تزيد من ثقتهم بأنفسهم، وتفتح لهم آفاق جديدة في المستقبل، فمن هذا المنطلق يتعين على الأمهات والآباء تشجيع أطفالهم على تعلم اللغات الأجنبية، والأمر ذاته ينطبق على المؤسسات التعليمية والمدارس المحلية التي ينبغي أن تولّي اهتماماً خاصاً لتعليم اللغات الأجنبية.
المقال رائع يوضح كيف استطيع التعامل كمعلمة مع الاطفال وكيف أستفيد انا ايضا. اتمنى ترجمه المقال للغة الأنجليزية لزيادة مفرداتي