من المؤكّد أنّ تعلم أي لغة أجنبية يعد تجربة رائعة لأنها ستحسن من حياتك للأفضل في مختلف المجالات الوظيفية والعلمية لهذا يرغب الكثير من الناس في التحدث بلغة أجنبية، لكن رحلة الوصول إلى الطلاقة رحلة تحتاج للكثير من الوقت والجهد. سنتعرف في هذا المقال على دور الذاكرة والنسيان في عملية التعلم وكيف يمكنك استخدام النسيان لصالحك عند تعلم اللغة وتسهيل طريقك للوصول للطلاقة.
دور الذاكرة في عملية التعلم
للذاكرة ثلاث أنماط ولكل نمط منها هدف ووظيفة معينة، سنتعرف عليهم فيما يلي:
1.الذاكرة الحسية: تُخزّن الذاكرة الحسية كل الأشياء والتفاصيل التي نتعامل معها من العالم الخارجي بشكل مستمر، فهي تُخزّن كل ما نراه ونسمعه ونشمه ونشعر به، أي كل شيء يأتينا من خلال الحواس، حيث يقوم دماغنا بجمع هذه المعلومات باستمرار في الذاكرة الحسية سواء كانت ذات أهمية أم لا.
2.الذاكرة قصيرة الأمد: إذا مرّ علينا شيء ما ذي أهمية كبيرة أو أهمية معتدلة، فإننا نركّز عليه أكثر وهذا يضعه في الذاكرة قصيرة الأمد، حيث يحتفظ الدماغ بهذه المعلومات ويقوم بتحليلها، وبالتالي فعملية حفظ المعلومات تبدأ من هنا، على سبيل المثال عندما يخبرنا شخص ما باسمه لأول مرة فإنه يُخزّن في الذاكرة قصيرة الأمد ومع ذلك فإن المعلومات المخزنة بهذه الذاكرة عرضة للنسيان بسبب قلّة استخدامها.
3.الذاكرة طويلة الأمد: تعتبر أكثر تعقيداً من سابقاتها، حيثُ أن المعلومات التي بقيت في الذاكرة قصيرة الأمد تنتقل إلى الذاكرة طويلة الأمد عند استخدامها ومراجعتها عدة مرات، وفيها تُخزّن الحقائق والمعلومات فهي مخزن الذكريات.
إذاً الهدف من التركيز والتكرار عند تعلم أي لغة هو نقل ما نتعلمه من الذاكرة قصيرة الأمد إلى الذاكرة طويلة الأمد، وبناءً عليه قد يرد على أذهاننا السؤال التالي:
كيف نقوم بتخزين الذكريات طويلة الأمد؟
للإجابة على هذا السؤال يجب أن نعلم أن البحث عن طريقة عمل أدمغتنا وعملية حفظ المعلومات مايزال مجهولاً، فلا نعرف بالضبط كيف يتم تخزين الذكريات أو مقدار المعلومات التي يمكن لأدمغتنا تخزينها، وبالرغم من ذلك نحن نعرف أن أنماط الذاكرة تعمل معاً وعند توقف أحد الأنماط عن العمل لا تتوقف جميعها، على سبيل المثال وكما أوضحنا سابقاً هناك فرق بين الذاكرة قصيرة الأمد والذاكرة طويلة الأمد ويمكننا أن نرى هذا في المرضى الذين يعانون من حالات تضر بنوع واحد من الذاكرة دون الآخر مثل مرضى الزهايمر الذين لا يستطيعون تخزين أي معلومة جديدة، أي تتوقف الذاكرة قصيرة الأمد عن العمل بينما الذاكرة طويلة الأمد تبقى فعالة حيث يتجاوب دماغهم مع الذكريات القديمة ولا يتذكرون غيرها.
تعتبر عملية التعلم مهمة جداً وضرورية، فعند التعلم يطور عقلنا سيالات عصبية تغيّر من فيزيولوجيا دماغنا، فكلما تعلمنا أكثر زادت فعالية المادة الرمادية التي يمتلكها دماغنا وهذا ما نلاحظه عند الأشخاص الذين يتحدثون عدة لغات. إن الذكريات والمعلومات تُخزّن في جميع أنحاء عقلنا ولا يوجد مكان واحد نضع فيه ذكرياتنا هذا لأن ما نواجهه من معلومات وحقائق مرتبط ببيانات حسية مختلفة، أي إذا كنت تتذكر كعكات الجدة الطازجة فستتذكر الرائحة والطعم والشكل، حيث يخزن الدماغ كل تلك المعلومات في الأجزاء المناسبة لها أي حسب نوع البيانات الحسية فالمعلومات المتعلقة بالرائحة أو الشم تخزن بالدماغ في الجزء المسؤول عن حاسة الشم والمعلومات البصرية تخزن في الجزء المسؤول عن حاسة البصر وهكذا.
ومع ذلك اتضح أنّ النسيان جزء من عملية تعلم اللغة، وأنه يحسّن من ذاكرتنا ويسمح لها بحرية العمل.
دور النسيان التكيفي في عملية التعلم
إن أدمغتنا ليست مبرمجة لحفظ أدق التفاصيل في العالم من حولنا، وتستخدم النسيان لفرز ما هو مهم وتجاهل الباقي.
تسمى عملية تشذيب ونسيان الأجزاء الغير ضرورية من المعلومات "النسيان التكيفي"، حيث يسمح لنا بالتركيز فقط على المعلومات ذات الأهمية أو المعلومات التي نتفاعل معها بانتظام مع تجاهل باقي المعلومات غير الضرورية. فمن غير النسيان التكيفي سنغرق في التفاصيل غير المهمة، على سبيل المثال إذا كنت في الدرس وتحاول حفظ مفردات جديدة لن تتذكر فقط كلمة المفردات الجديدة على الصفحة التي كنت تدرسها، بل ستتذكر رقم الصفحة ولونها والطقس حينها والمحادثات التي تجري من حولك وماذا كان يرتدي أستاذك وماذا كنت ترتدي أنت أيضاً وما إلى ذلك من التفاصيل غير الضرورية، وتذكّر كل التفاصيل بدقة يؤدي إلى حدوث الكثير من الضغط على الدماغ ولن تتمكن حينها من وضع تركيزك على ما يهمك بالفعل، لهذا فإن أدمغتنا مصممة للتخلص من الأحداث والتفاصيل الغير مهمة.
كيف تستخدم النسيان لصالحك في التعلم؟
قد تعاني من النسيان أثناء دراسة وتعلم لغة جديدة لكن يجب أن تعرف أنه ليس بالأمر السيء لأن هذا يوضح تفاعل عقلك مع المعلومات التي يحاول معالجتها وفرزها حسب أهميتها أو إزالتها، وعند نسيانك لمعلومة ما ليس الأمر كما لو أنك قد نسيتها تماماً أو أنها ستصبح معلومة جديدة بالنسبة لك عند قرائتها مرة أخرى، بل ستجد عند مراجعتك للدرس أنك ستستهلك نصف الوقت والجهد الذي بذلته عندما درسته للمرة الأولى، وأنّك بمراجعة بسيطة تمكنت من تذكّر ما نسيته. في الواقع يوجد الكثير من الحيل والاستراتيجيات للاحتفاظ بالمعلومات وتخزينها في ذاكرتنا، وأحد أفضل الطرق هي أنظمة التكرار المتباعدة التي تساعدك على التذكّر ومراجعة المعلومات وتكرارها بفواصل زمنية مدروسة، وأؤكد لك أنه يمكنك أن تتعلم لغتك أسرع من خلال دمج هذه الطريقة في دراستك.
كيف تساعد أنظمة التكرار المتباعد في تحقيق الطلاقة؟
تساعدك أنظمة التكرار المتباعد على التذكر ومقاومة النسيان، فبمجرد دراسة شيء ما يقوم عقلك بمعالجته ويعمل على تحديد أهميته، وعندما تعيد مراجعة تلك المعلومات مرة أخرى أو في اليوم التالي يكرر دماغك نفس العملية، ويفعل ذلك مع العلم أن المعلومات التي استرجعتها حديثة لكنها تقوّي تلك المسارات والسيالات العصبية التي نشأت حديثاً، فطالما واصلت مراجعة المواد السابقة فسوف تستمر في تحديث تلك المعلومات ونقلها للذاكرة طويلة الأمد وتقاوم نسيانها.
في النهاية لا يوجد قرص يمكنك تناوله لمنحك ذاكرة مثالية على الفور لأن دماغك له نظام يعمل بطريقة معينة، لذلك تعلم كيفية التعامل مع هذا النظام للحصول على أكبر فائدة، حيث لا يمكنك منع عقلك من النسيان لكن يمكنك التلاعب بتأثيره من خلال إنشاء أنظمة تكرار متباعدة، وبتقبّلك أن النسيان جزء من عملية التعلم ستتخلص من الضغط النفسي الذي يتعارض مع تقدمك. ابدأ مع Sylingo رحلة تعلمك الذي يستخدم أنظمة التكرار المتباعد لدراسة التعابير والمفردات الجديدة بشكل متكرر خلال فترات مدروسة ويذكرك بها، كذلك أنظمة الاختبارات التي يقدمها ستعمل على تنشيط ذاكرتك وحفظ المفرادات والتعابير التي تتعلمها في الذاكرة طويلة الأمد وهذا سيساعدك على تحقيق هدفك بإتقان اللغة.
جيد